--------------------------------------------------------------------------------
حياة الهادي البشير محمد صلى الله عليه و سلم
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن قصي بن كلاب بن مُره بن كعب بن لرؤى بن غالب بن فهر بن عدنان بن إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام من قبيلة قريش , ولد يوم الاثنين من إبريل سنة 571 ميلادية عام الفيل بمكة المكرمة , لأبوين من قريش و هما : عبد الله بن عبد المطلب و آمنة بنت وهب , مات أبوة عن أربعة و عشرين عاماً قبل مولده , و مات عبد الله بن عبد المطلب و هو والد الرسول أثناء خروجه في تجارة له إلى الشام و دفن بيثرب ( المدينة المنورة ) و تكفل بت جدة عبد المطلب ثم مات جدة فتكفل بت عمة أبو طالب , فرعاه و آواه و حفظه ووعاه و لم يسلمه للأعداء ثم توفيت أمة و هو في السادسة من عمره .
نشأة الحبيب محمد صلى الله عليه و سلم و فترة شبابه
اقتضت حكمة الله تعالى أن لا يرسل رسولاً إلا و راعى غنم و لعلها أولى مراتب مدرسة النبوة , فالحق سبحانه و تعالى يدرب رُسله على رعاية الرعية برعي الغنم أولا , لأن الغنم مجتمع و أمة فيهم القوى و فيهم الضعيف و الشقي و الوديع و الصحيح , فإذا ما رعى الراعي ووفق بين هذه الأنواع فالأغنام , فأنة لا يستطيع أن يوافق بين الرعية من بني الإنسان على اختلاف صنوفهم و عقولهم و أفكارهم و التعامل مع كل نوع بما يناسبه , و قد رعى رسول الله الغنم مثل من سبقوه من الأنبياء , و عندما صار شاباً يافعاً , سافر مع عمه أبى طالب في رحلات تجارية إلى الشام و نظراً لأمانته و صدقه قام بعده رحلات تجارية إلى الشام ثم قام بعدها برحلات خاصة لحساب السيدة خديجة بنت خويلد , و هي أرملة ثرية , و سيأتي تفصيل ذلك بإذن الله تعالى . و قد تعلم الفروسية و فنون القتال في شبابه كعادة شباب العرب بعيداً عن مجالس الخمر و لعب الميسر و كان يكره الأصنام الموجودة حول الكعبة , و من شمائله يوم الحجر الأسود حينما تصارعت القبائل و تنازعوا في وضع الحجر أثناء تجديد الكعبة , كل قبيلة تريد أن تظفر بوضع الحجر الأسود ( و هو حجر من الجنة ) و كادت تقع فتنة كبيرة و يشتعل القتال فاجتمعوا أمرهم أن يحتكموا لأول داخل عليهم فكان هو محمد وبقطانه ألنبوه و رجاحة عقل الأذكياء , يقرر أن يضع الحجر الأسعد في عباءته و تأخذ كل قبيلة بطرف منها , و بذلك تكون كل قبيلة قد ساهمت فيوضع الحجر , و أخمد نار الفتنة .
وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم ( 633م - 11 هجرياً )
بعد حجة الوداع بثلاث شهور فقط مرض النبي بالحمى الشديدة و التي أثرت فيه كثيراً فكان لا يستطيع القيام من مجلسة و استأذن زوجاته رضي الله عنهم أن يُمرض في بيت السيدة عائشة رضي الله عنها , وفى ذلك الوقت نزلت أخر أية من القران و هي قال تعالى { وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} (281) سورة البقرة , ثم أشتد الوجع برسول الله , و في أخر أيامه خرج ليزور شهداء أحد و يقول ( السلام عليكم و رحمه الله و بركاته , أنتم السابقون و نحن بكم لاحقون إن شاء الله ) ثم يرجع النبي بين الصحابة رضي الله عنهم و يبكى , فيقولون : ما يبكيك يا رسول الله ؟ فيقول لهم : اشتقت إلى إخواني , فيقولون : أوولسنا بإخوانك يا رسول الله ؟ قال : لا أنتم أصحابي , أما اخوانى فهم قوم يأتون من بعدى يؤمنون بى و لم يرونى , ثم أشتد الوجع على الرسول أكثر و أكثر حتى أن الصحابة كانوا يحملونه إلى بيت السيدة عائشة و لما رءاة الصحابة هكذا , بكت عيونهم , و دخل النبى بيت عائشة رضى الله عنها و قال : لا إله إلا الله , إن للموت لسكرات , و كان وجه النبى ملىء بالعرق , تقول السيدة عائشة أنها كانت تأخذ بيد الرسول فتمسح بتا على وجهه الكريم , ثم قال النبي : والله إني لأجد طعم الشاة المسمومة في حلقي !! (( الشاة التي وضع بتا اليهود السم للنبي )) , بعدها بدأ خبر وجع رسول الله ينتشر بين الناس و بين الصحابة حتى أن صوتهم بلغ مسمع النبي فقال : إحملونى إليهم , فحملوا النبى إلى المسجد و ألقى أخر خطبة له و قال : (( ايها الناس , كأنكم تخافون علي ؟ أيها الناس : موعدي معكم ليس الدنيا , موعدي معكم عند الحوض , والله لأكنى أنظر أليه من مقامي هذا , أيها الناس : والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم الدنيا إن تنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم , أيها الناس : إن عبداً خيره الله بين الدنيا وبين لقاء الله فأختار لقاء الله , ففهم أبو بكر المراد و عرف أن الرسول قد خُير بين الدنيا و لقاء ربه فأختار لقاء ربه , فعلى صوت أبى بكر بالبكاء و قال : فديناك بأموالنا , فديناك بإبائنا , فيديناك بأمهاتنا , فنظر إليه الناس شجراً , فقال لهم الرسول : أيها الناس : دعوا أبا بكر فواله ما من أحد كانت له يد إلا كافئنها بتا إلا أبا بكر لم استطع مكافئته فتركت مكافئته لله عز و جل , و بدأ الرسول يوصى الناس و يقول : أيها الناس : أوصيكم بالنساء خيراً و قال : الصلاة , الصلاة , الله في النساء , و ظل يرددها و بدأ يدعى و يقول : آواكم الله , نصركم الله , ثبتكم الله , ثم ختم و قال : أيها الناس : ابلغوا منى السلام كل من تبعني إلى يوم القيامة )) , عليك السلام يا رسول الله , ثم دخل النبي بعدها بيته و نظر إلى السواك فأحضرته السيدة عائشة رضي الله عنها و ظلت تتسوك بت لتلينه لرسول الله حتى أستاك بت النبي ثم دخلت عليه السيدة فاطمة بنت أبى بكر فبكت فقالت : شوا كرب أبتاه , فقال لها : ليس على ابيكى كرب بعد اليوم , ثم ابلغها أنها أول أهله لحاقاً بت فضحكت رضي الله عنها , و في يوم 12 ربيع الأول نظر الرسول إلى الصحابة و هم يصلون فأبتسم و ظل ينظر إليهم و يبتسم , ثم عاد إلى حجرته و بعدها وضع رأسه على صدر ألسيده عائشة رضي الله عنها حتى ثقلت رأسه على صدرها رضي الله عنها و مات رسول الله فخرجت السيدة عائشة تقول للصحابة : مات رسول الله , مات رسول الله , فهذا عمرين الخطاب يقول : من قال انه مات قطعت رأسه , إنما ذهب ليقابل ربه كما ذهب موسى من قبل , و هذا عثمان بن عفان لا يستطيع أن يتحرك , و هذا على بن أبى طالب يمشى كالأطفال هنا و هناك , و أما أثبت ألصحابه أبو بكر فأخذ يقول : أيها الناس , من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات و من كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ثم قرأ أية الله تعالى {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عقبى فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ} (144) سورة آل عمران , فعلم الناس أن الرسول قد مات حقاً , ثم غسله العباس بن عبد المطلب و على بن أبى طالب و أولاد العباس بن عبد المطلب ووضعوا التراب على النبي فقالت لهم فاطمة رضي الله عنها: أطابت أنفسكم إن تضعوا التراب على رسول الله ؟ و في النهاية أذكركم بالصلاة كثيراً على النبي و دراسة سيرته جيداً ل). يشفع لنا عند الله تعالى يوم القيامة إن شاء الله .( اللهم صلى على محمد عدد خلقك و زنه عرشك و رضا نفسك و مداد كلماتك ) .